قرّرت أمس الدائرة الجنائية بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس تأخير النظر في ما عرف بقضيّة شهداء تونس الكبرى وبنزرت وزغوان والوطن القبلي وسوسة، الى جلسة العاشر من جانفي كما قرّرت رفض الافراج عن المتهمين،
وقد تميّزت جلسة أمس باعتراف السرياطي لأوّل مرّة بأنّه كان وراء اخراج بن علي من تونس تجنّبا لمجزرة فيما حمّل مدير الأمن الوطني القيادات الأمنية الميدانية مسؤولية قتل الشهداء.
وقد انطلقت المحاكمة في حدود الساعة العاشرة والنصف، بدأت محاكمة المتهمين في قضيّة شهداء تونس الكبرى وبنزرت وزغوان وسوسة والمنستير، وبدأ القاضي بالنداء على المتهمين، وتبيّن أنّ المحالين بحالة سراح لم يحضروا المحاكمة وقال أحد المحامين، إنّهم رفضوا الحضور بطلب من نقابة الأمن، ورأت المحكمة أنّ غياب المتهمين لا يوقف المجرى العادي للقضيّة حسب مجلّة الاجراءات الجزائية، وبعد اتمام اجراءات تسجيل جلب الموقوفين وبعد المحالين بحالة سراح مثل أحمد فريعة وزير الداخلية الأسبق، أعطيت الكلمة للمكلّف العام بنزاعات الدولة في حق الدولة التونسيّة الذي طلب من المحكمة تأخير النظر في القضيّة لتمكينه من تقديم تقرير مفصّل.وابدى بعض المحامين ملاحظاتهم حول مجرى المحاكمة وطلب بعضهم من المحكمة استنطاق المتهمين دون الصياح في وجههم أو الضغط عليهم.
المدير العام للأمن العمومي: لم أكن على علم
استنطاق المدير العام للأمن العمومي لطفي الزواوي، الذي قال إنّ أعوان الأمن العمومي في حدود 15 ألف عون وهم يقدّمون خدمات مباشرة بالمواطنين وأعمالهم خدماتية، وقال إنّه في صورة مهاجمة مركز أمن أو منطقة أو اقليم… فإنّه يتمّ اللجوء الى وحدات التدخّل بالتنسيق مع القيادات الأمنيّة، وتمّ سؤاله عن أحداث مداهمة مركز الأمن بسليمان وسقوط ضحايا هناك قال إنّه لم يكن على علم، وأضاف بأنّه علم فقط بسقوط ضحية في بنزرت، وأنّ الأعوان التابعين له والذين يأتمرون بأوامره لا يقومون بالتصدّي، وأنّ التصدّي للمتظاهرين ليس من اختصاص أعوانه، ونفى علمه أو ابلاغه بسقوط ضحايا في حين قال إنّ أكثر من 250 مركزا أمنيا تمّ استهدافها وقال لقد تمّ الاستيلاء على قطع أسلحة، وقال إنّه لم يصدر أي تعليمات باطلاق النار،
قال القاضي: هل يعني هذا أنّ الأعوان أطلقوا النار من تلقاء أنفسهمالمتهم: إنّ أعوان الأمن العمومي لم يطلقوا النار على المتظاهرين وإنّه لم يتمّ اعلامي بوقوع ضحايا الاّ من طرف مدير اقليم بنزرت، وقمنا بتغييرات أمنية في بنزرت.القاضي: أنت لم تصدر تعليمات باطلاق النارالمتهم: بل أعطيت تعليمات بعدم اطلاق النارالقاضي: أين هذه التعليمات
المتهم: يمكنكم أن تسالوا الذين كانوا يعملون معي.القاضي: كيف تفسّر ارتفاع عدد الشهداء من يوم الى آخرالمتهم: سيدي الرئيس إنّها ثورة ترتفع من يوم الى آخرالرئيس: هل يجب أن يموت الآلاف حتّ نقول لدينا ثورةالمتهم: سيّدي الرئيس بصراحة إنّ المسؤول عن الادارة المركزية للعمليات عدواني (محمّد العربي العكريمي)الرئيس: من فضلك أنا لن اسمح باهانة أي متهم
المتهم: سؤال على العكريمي أن يجيب عنه، أين التقارير التي كانت ترفع.القاضي: هل كنت تستمع أثناء حضورك في الخلية الى التعليمات التي تعطى للفرق الأخرى غير التابعة اليك
المتهم: نعم استمع الى كل ذلكا لقاضي اذن كيف تقول إنّك لم تكن على علم بالقتل والجرح في الوقت الذي كنت تستمع فيه الى ما يجري داخل الخليّة.المتهم: سيدي الرئيس لقد كانت فوضى عارمة، ولم تكن هناك أحيانا اتصالات بيننا وبين القيادات الميدانية.القاضي: ماذا جرى في اجتماع الخليةالمتهم: كان لقاء تنسيقيا وتقييميا، تناولنا فيه اضافة الى بعض المسائل الأمنية دور التجمّع واعطاء التعليمات ليتدخّل التجمعيون للتأطير
الرئيس: لقد قال محمّد الغرياني، إنّه بعد انتهاء الاجتماع طلب منا الخروج ليتم عقد اجتماع أمني.المتهم: لست على علم.القاضي: ماذ جرى في الاجتماع الثاني والثالث.المتهم: تمّ تناول كيف أن المواطنين في القصرين لم يعودوا يقبلون قوات التدخّل وتمّ الاتفاق على اعطاء ملابس الحرس لقوات التدخّل.الرئيس: ألم يتم اتخاذ اجراءات في هذا الاجتماع بالكف عن اطلاق النار.المتهم: لا سيدي الرئيس، إن التعليمات أعطيت سابقا بعدم اطلاق النار.الرئيس: لقد قال علي منصور الذي كان حاضرا بالاجتماع، إنّه لم يتم اصدار اي تعليمات بعدم اطلاق النار بل تمّ اصدار تعليمات باطلاق النار على المتظاهرين والتصدّي لهم
المتهم: سيدي الرئيس إن علي منصور لم يحضر الاجتماع.الرئيس: لقد أعطيتم تعليمات بإطلاق النار في بنزرت.المتهم: سيدي الرئيس لم نعط أي تعليمات بإطلاق النار وأرجوا أن تقدّموا لنا من يشهد بأننا اصدرنا تعليمات في هذا الشان..الرئيس: بماذا تفسر كلام الرئيس السابق «يزّي من الكرطوش»المتهم: ليست لي تعليمات باطلاق النارالرئيس: هل كان الرئيس السابق يتصل بك.المتهم: لا
الرئيس: وهل كنت تتلقّى تعليمات من وزير الداخليّة المتهم: لقد كنت في مكتب المدير العام للأمن ولم يتصل بي وزير الداخلية خلال فترة كبيرة.الرئيس: لقد قال أحمد فريعة وزير الداخلية، آنذاك وجد خطّة مسبقة للتصدّي للمتظاهرين وإنّه لم يتمّ اطلاعه عليها رغم أنّه وزير داخلية، ولم يتم اعطاؤه المعلومات الكافية وحتّى التعليمات التي أصدرها لم يتمّ تنفيذها فورا.المتهم: ليست لنا أي خطّة مسبقة.الرئيس: هل لك علم على القناصة المتهم: ليس لي أي علم لقد سمعت بهم بعد 14 جانفي، وأنا تحت امرتي أعوان يقدّمون خدمات عامة للمواطنين، وبالنسبة الى السيد أحمد فريعة، اشرف على مجلس أمن وقدّمنا له كل المعطيات، وطلبت منه تقديم ندوة صحفية خاصة بأعوان الأمن للرفع من معنوياتهم المهتزّة، فغضب ورفع الجلسة وناداني بعد الاجتماع وقال لي لقد انتهت مهمّتك.الرئيس: ماهي الأسلحة التي بحوزة اعوانك.المتهم: الشطاير والبيريتا الرئيس: هل لك ما تضيف المتهم: أريد أن أترحّم على الشهداء، وأقول إنّ ضميري مرتاح أمام الجميع ولقد حاولنا الحفاظ على الأسلحة والمراكز حتّى لا يقع حمام دم، وحمينا وزارة الداخلية أمام 45 ألف متظاهر.الرئيس: هناك أعوان شرفاء رفضوا التعليمات باطلاق النار وقتل المتظاهرين
المتهم: سيدي الرئيس كلّ رجال المؤسسة الأمنية شرفاء.الرئيس: إنّ مردّ عدم اطلاق النار يعود ربما الى وجود أحمد فريعة على رأس وزارة الداخلية المتهم: بالعكس سيّدي الرئيس أحمد فريعة كان يلومنا على عدم التدخّل الرئيس: هل أعطاكم التعليمات باطلاق النارالمتهم: للأمانة لا سيّدي الرئيس.، اريد أن أقول مثلا أن ما بثته قناة الجزيرة من صور اعتداء أعوان أمن على أحد المتظاهرين، كنت بصفتي مديرا للأمن العمومي أجري وأطلب من الأعوان ترك سبيله وعدم الاعتداء عليه، ولقد أعطينا تعليمات بسحب الأسلحة.القاضي: تفضّل المتهم: شكرا سيّدي الرئيس.
وطلب المحامي منير بن صالحة الكلمة، لكن رئيس الدائرة قال آنذاك لحسن التنظيم لابدّ من اتمام الاستنطاقات ثم نحيل الكلمة بعد ذلك للدفاع، وتمسّك المحامي بن صالحة وقال كيف لا تعطى لي الكلمة ونحن بصدد أخطر قضيّة سياسية منذ الاستقلال،وأضاف،
بأنّ له مطلب شكلي وهو طلب سماع الشاهدة وئام جراد والشاهد مكرم عقيد العاملان مع المنوّب وعبد الستار السالمي مدير اقليم الأمن الوطني بنابل وهم مفاتيح هذه القضيّة، وأطلب مكاتبة السيد وكيل الجمهورية ببن عروس وباريانة وببن عروس وبنابل وبزغوان لمعرفة الاجراءات التي تمّ اتخاذها زمن السماع بوقوع شهداء، لأنّكم سيّدي الرئيس بصدد قضيّة لم يتمّ فيها القيام بالاجراءات القانونية منذ البداية، فالنيابة العمومية عليها أن تثير الدعوى من تلقاء نفسها في حال وقوع جريمة فما بالك بوقوع جرائم قتل.
منجي الخضراوي