انقضت سنة 2011 التي كانت سنة سياسية بامتياز، بأحداثها التي لم تعرفها تونس من قبل وبشخصيات طبعوا المرحلة التي تلت ثورة 14 جانفي 2011 وصولا إلى إرساء السلطات الجديدة.
وقد اضطلعت عدّة شخصيات خلال الفترة التي سبقت انتخابات المجلس التأسيسي وبعدها بدور محوري في إدارة المرحلة الانتقالية من إصدار المراسيم المنظمة للسلط إلى السهر على تسيير شؤون البلاد وخلق حالة من التوافق بين مكوّنات مشهد سياسي جديد ظلّ على امتداد أشهر يتحسّس طريقه إلى ممارسة الديمقراطية والتعدّدية والتعايش مع أطراف فرّقتها الإيديولوجيات والانتماءات الحزبية وإن جمعها الوطن.
هذه الشخصيات التي كان لها دور سياسي بالأساس هي الرئيس المؤقت السابق فؤاد المبزّع والوزير الأول المؤقت السابق الباجي قائد السبسي ورئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي عياض بن عاشور ورئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كمال الجندوبي الذي كان له دور بارز في الانتقال الديمقراطي لكنه دور تقني بالأساس، إضافة إلى «الرؤساء الثلاثة» الذين يتولون اليوم مقاليد السلطتين التشريعية والتنفيذية وقائد أركان الجيش الجنرال رشيد عمّار.
فؤاد المبزّع : رئيس عمل في صمت
من مواليد 13 جوان 1933 …سياسي تونسي يشغل منصب رئيس الجمهورية التونسية بشكل مؤقت منذ 15 جانفي 2011 م بعد إعلان المجلس الدستوري عن شغور منصب رئيس الجمهورية بشكل نهائي حسب الفصل 57 من الدستور التونسي إثر مغادرة الرئيس السابق بن علي البلاد إلى المملكة العربية السعودية نتيجة الثورة الشعبية، وشغل منصب رئيس مجلس النواب منذ 14 أكتوبر 1997.
وأتم المبزع تعليمه الثانوي في المدرسة الصادقية ثم درس القانون والاقتصاد في باريس وعمل كمدير للأمن الوطني بين 1965 و1967 وترأس بلدية تونس بين 1969 و1973 . وعين المبزّع في 30 نوفمبر 1973 كوزير للشباب والرياضة، ثم كلف في 13 سبتمبر 1978 بوزارة الصحة. وفي 7 نوفمبر 1979، كلف بحقيبتي الشؤون الثقافية والاتصال (الإعلام)، وبقي محافظا على الحقيبة الأولى إلى 2 جانفي 1981 والثانية إلى 3 ديسمبر1980 .
وعين في27 أكتوبر 1987 مرة أخرى كوزير للشباب والرياضة في آخر حكومة لعهد بورقيبة وبقي في منصبه بعد 7 نوفمبر 1987.
ويؤكّد مراقبون أن المبزّع، الذي لم يظهر كثيرا على الساحة خلافا للوزير الأول في الحكومة المستقيلة، أحسن إدارة المرحلة الانتقالية حيث أصدر المرسوم المنظم للسلط المؤقتة في مارس الماضي وأعلن عن إجراء انتخابات المجلس التأسيسي وكان متابعا لجميع مراحل العملية الانتقالية من عمل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة إلى التحضير للانتخابات ومواكبتها والعمل على إنجاحها إلى انطلاق جلسات المجلس الوطني التأسيسي وإعلانه رسميا تسليم السلطة إلى الرئيس المؤقت المنتخب المنصف المرزوقي قبل أسابيع.
الباجي قائد السبسي : ابن «البايات».. صمّم وخطّط ونجح
هو الوزير الأول المؤقت من 27 فيفري 2011إلى 26 ديسمبر 2011 وهو محام وسياسي تولى عدة مسؤوليات هامة في الدولة التونسية بين 1963 و1991.
نشأ قائد السبسي في كنف عائلة قريبة من «البايات الحسينيّين» ودرس في كلية الحقوق بباريس التي تخرج منها عام 1950 ليمتهن المحاماة منذ 1952.
سياسيا، ناضل الباجي قائد السبسي في الحزب الحر الدستوري الجديد منذ شبابه وبعد الاستقلال عمل كمستشار للزعيم الحبيب بورقيبة ثم كمدير إدارة جهوية في وزارة الداخلية، وعام 1963 عين على رأس إدارة الأمن الوطني بعد إقالة إدريس قيقة على خلفية المحاولة الانقلابية التي كشف عنها في ديسمبر 1962 .
وعام 1965 عين وزيرا للداخلية بعد وفاة الطيب المهيري، وقد ساند من منصبه التجربة التعاضدية التي قادها الوزير أحمد بن صالح وتولى وزارة الدفاع بعد إقالة هذا الأخير في 7 نوفمبر 1969 وبقي في منصبه إلى غاية 12 جوان 1970 ليعين سفيرا لدى باريس.
جمد نشاطه في الحزب الاشتراكي الدستوري عام1971 على خلفية تأييده إصلاح النظام السياسي وعام 1974 وقع رفته من الحزب لينضم إلى المجموعة التي ستشكل عام 1978 حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة أحمد المستيري، وقد تولى في تلك الفترة إدارة مجلة «ديمكراسي» المعارضة.
وعاد قائد السبسي إلى الحكومة في 3 ديسمبر 1980 كوزير معتمد لدى الوزير الأول آنذاك محمد مزالي الذي سعى إلى الانفتاح السياسي، وفي 15 أفريل 1981 عين وزيرا للخارجية خلفا لحسان بلخوجة ولعب دورا هاما أثناء توليه المنصب في قرار إدانة مجلس الأمن للغارة الجوية الإسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط. وفي 15 سبتمبر 1986 عوض بالهادي المبروك على رأس الديبلوماسية التونسية ليعين بعدها سفيرا لدى ألمانيا الغربية.
وبعد 7 نوفمبر 1987، انتخب في مجلس النواب عام 1989 وتولى رئاسة المجلس بين 1990 و1991. سرد تجربته مع بورقيبة في كتاب «الحبيب بورقيبة، البذرة الصالحة والزؤام» الذي نشر عام 2009 ، وفي 27 فيفري 2011 عينه الرئيس المؤقت فؤاد المبزع رئيسًا للحكومة المؤقتة وذلك بعد استقالة محمد الغنوشي على إثر اعتصام «القصبة 2».
ويؤكد مراقبون أن قائد السبسي عمل منذ توليه الوزارة الأولى على خلق التوازنات اللازمة لإدارة المرحلة الانتقالية وتمكّن بخبرته وحنكته السياسية من العبور بتونس إلى الانتخابات بشكل سلس وبأقل ما يمكن من التّوتّر.
ويروج حديث هذه الأيام عن اعتزام «سي الباجي» تأسيس حزب الزيتونة.
منصف المرزوقي : من النضال والملاحقة..إلى قصر قرطاج
منصف المرزوقي هو الرئيس الحالي للجمهورية التونسية، مفكر وسياسي تونسي، ولد في 7 جويلية 1945 في قرمبالية بالوطن القبلي، تنحدر عائلته من الجنوب التونسي. والده محمد البدوي المرزوقي ووالدته عزيزة بن كريم، له أربعة أشقاء وسبعة أخوة، نشأ في تونس والتحق من عام 1957 حتى 1961 بالمدرسة الصادقية بالعاصمة تونس.
غادر المرزوقي تونس للالتحاق بوالده في المغرب سنة 1961، وعاش مع عائلته في مدينة طنجة حتى عام 1964، حيث سافر إلى فرنسا وتزوج هناك، فأنجب مريم ونادية وأقام في فرنسا 15 سنة حيث درس في جامعة ستراسبورغ، كلية علم النفس ثم الطب.
في عام 1970 شارك المرزوقي في مسابقة عالمية للشبان بمناسبة مئوية المهاتما غاندي لتقديم نص عن حياة الرجل وفكره، وفازت مشاركته ليحل ضيفاً على الحكومة الهندية لمدة شهر وليتجول في الهند من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
في سنة 1975 سافر إلى الصين ضمن وفد لمعاينة تجربة الطب في خدمة الشعب في الصين ثم عاد المرزوقي إلى تونس عام 1979 رغم إلحاح أقربائه على بقائه في فرنسا، وعمل أستاذاً مساعداً في قسم الأعصاب في جامعة تونس. شارك في تجربة الطب الشعبي الجماعي في تونس قبل وقف المشروع.
واعتقل المرزوقي في مارس 1994 ثم أطلق سراحه بعد أربعة أشهر من الاعتقال في زنزانة انفرادية، وقد أفرج عنه على خلفية حملة دولية وتدخل من نيلسون مانديلا.
أسس مع ثلة من رفاقه المجلس الوطني للحريات في 10 ديسمبر من عام 1997 بمناسبة الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد اختير أول رئيس للجنة العربية لحقوق الإنسان من عام 1997 حتى 2000.
غادر إلى المنفى في ديسمبر 2001 ليعمل محاضراً في جامعة باريس. حيث بقي هناك حتى أعلن عن عزمه العودة بدون أخذ الإذن من السلطات التونسية…
وبعد الثورة عاد المنصف المرزوقي إلى تونس يوم18 جانفي 2011 وكان محل حفاوة كبيرة من أنصاره في مطار تونس قرطاج حيث أعلن آنذاك استعداده للترشح لرئاسة تونس وقد نال اليوم منصب الرئيس المؤقت إلى حين الفراغ من صياغة الدستور الجديد، وتميز المرزوقي في ظهوره الإعلامي منذ انتخب رئيسا ببساطته كما اشتهر بارتداء «البرنس» حيثما حلّ تقريبا.
حمادي الجبالي : من السجون إلى رأس القرار السياسي والحكومي
حمادي الجبالي هو رئيس الحكومة الحالي، سياسي وصحافي ومهندس تونسي، من مواليد مدينة سوسة سنة 1949.تحصّل على شهادة الهندسة الميكانيكية من جامعة تونس، ثمّ على ماجستير في الطاقة الضوئية من باريس.
أسّس في سوسة شركة مختصة في الطاقة الشمسية والطاقة الريحية.التحق بمؤسسات حركة النهضة التونسية وخاصة المؤتمر ومجلس الشورى منذ بداية الثمانينات وتولى رئاسة تحرير جريدة «الفجر» الناطقة باسم حركة النهضة منذ صدورها حتى اعتقل وأوقفت الجريدة عن الصدور بعد قرابة سنة من صدورها. وكان توليه رئاسة التحرير بجريدة «الفجر» وراء محاكمته سنة 1990 على خلفية نشر مقالات كتبها نشطاء الحركة والتي كان نظام بن علي يرى أنها تنال من مؤسسات الدولة وتحرض على العصيان بالإضافة إلى محاكمته مع قيادات الحركة بتهمة الانتماء إلى جمعية غير مرخصة ومحاولة قلب نظام الحكم وحكم عليه بـ16 سنة سجنا حتى أطلق سراحه سنة 2006.
عُرف في الحياة السياسية التونسية بعد اعتقال القيادة التاريخية لحركة الاتجاه الإسلامي ومحاكمتها سنة 1981 وقد انتخبه مجلس الشورى في سنة 1982 رئيسا للحركة.
وتشهد له الأوساط السياسية ودوائر الحركة بحسن إدارتها وتوسيع علاقتها بالوسط السياسي التونسي وقد اشترك المهندس حمادي الجبالي مع المهندس علي العريض في إدارة الحركة في فترة دقيقة جدا تلت أول اعتقالات واسعة في صفوفها.وابتداء من سنة 1984 وبعد اطلاق سراح القيادة التاريخية وعودتها إلى رأس الحركة تولى المهندس حمادي الجبالي عضوية المكتب التنفيذي والمكتب السياسي ومجلس الشورى.
وفي مواجهة سنة 1987 التي عزم فيها بورقيبة على استئصال الحركة لعب حمادي الجبالي دورا بارزا في إدارة المواجهة. وبالرغم من حرص السلطات على اعتقاله فقد نجح الجبالي في الحفاظ على حرية حركته ومواصلة إدارة المواجهة في وضع حرج.
حوكم أمام المحكمة العسكرية في سنة 1992 وصدر ضده حكم بالسجن 16 سنة… وقد عرف المهندس الجبالي بتوازن تحليلاته للأوضاع القطرية والدولية، وبجرأته في إبداء آرائه.
والجبالي متزوج، وأب لـ3 بنات، وقد باشر مهمة رئاسة الحكومة قبل أسبوع حيث انتظم موكب في قصر الحكومة بالقصبة لتسلم السلطات في مشهد ندُر حدوثه في العالم العربي..
مصطفى بن جعفر : رئيس «السلطة الأصلية» ومهمّة تاريخيّة
ولد مصطفى بن جعفر يوم 8 ديسمبر 1940 بحي باب سويقة بتونس العاصمة، سياسي تونسي ورئيس حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات .
عاش يتيما في عائلة تتركب من خمسة أطفال. ولم يمنعه ذلك من اللحاق بالمدرسة الصادقية بين 1950 و1956 ثم واصل دراسته العليا بفرنسا في الطب، وتخصص في الأشعة، وقد انتمى خلال فترة دراسته إلى الاتحاد العام لطلبة تونس… عاد إلى تونس سنة 1975 ليدرّس بكلية الطب بتونس كما تولى خطة رئيس قسم الأشعة بمستشفى صالح عزيز (1975-1980)
سياسيا، أسس مع أحمد المستيري سنة 1978 حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، والتي كان هو نفسه أحد مؤسسيها. وقد ساهم في تلك الفترة في إصدار جريدة الرأي (1977) وفي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (1978)، وقد تولى بين 1986 و1994 خطة نائب رئيس لها. كما كان من مؤسسي نقابة أطباء المستشفيات الجامعية سنة 1977.
إثر المنعرج الذي سلكته حركة الديمقراطيين الاشتراكيين برئاسة محمد مواعدة سنة 1991، أعلن عن معارضته للتوجه الجديد، فرفت من الحركة سنة 1992 فأسس سنة 1994 التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، كما ساهم سنة 1996 في تأسيس المجلس الوطني للحريات بتونس.
وكان بن جعفر قد تقدم بملف ترشحه للانتخابات الرئاسية لسنة 2009 لكن ملفه قوبل بالرفض لعدم احترام شروط الترشح من حيث الشكل… والسيد مصطفى بن جعفر متزوج وله أربعة أبناء.
وسيحفظ التاريخ اسم مصطفى بن جعفر كرئيس لمجلس تأسيسي يصفه كثير من المراقبين بأنه السلطة الأصلية، سيؤسس للجمهورية التونسية الثانية.
عياض بن عاشور : «مهندس توافقات» و«صاحب مبادرات»
هو من مواليد 1 جوان 1945، وهو محام تونسي ، متخصص في النظرية السياسية الإسلامية و في القانون العام.
ولد بن عاشور في عائلة تتكون من القضاة والعلماء وكبار المسؤولين في تونس من الطبقة المتوسطة العليا.
وعياض بن عاشور هو ابن محمد الفاضل بن عاشور، وكان عميد كلية العلوم القانونية بتونس. وقد استقال من المجلس الدستوري في عام 1992، كان معارضا لنظام الرئيس بن علي و يعتبر واحدا من خصومه، وقال انه انتقد التعديل الدستوري لعام 2002 الذي يسمح لزين العابدين بن علي الترشح مجددا للرئاسة.
كان عياض بن عاشور يدرس في معهد للبحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي، وعند قيام الثورة التونسية،
تم تعيينه على رأس لجنة إصلاح التشريعات والمؤسسات المسؤولة عن تخليص القانون التونسي لأحكام النظام المخلوع للرئيس بن علي وهي لجنة دمجت مع مشروع مجلس حماية الثورة وممثلي الأحزاب والجمعيات لتصبح الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي التي تولّى رئاستها من 18 مارس 2011 إلى 13 أكتوبر 2011 تاريخ آخر جلسات هذه الهيئة.وخلال هذه الأشهر رعى بن عاشور عددا من المبادرات التي كانت تسعى إلى تقريب وجهات النظر بين مختلف مكونات الهيئة وسعى إلى لعب دور الحكم كلما تعلق الأمر بمسألة خلّفت التجاذبات والنقاشات الحادة داخل الهيئة التي صادقت على عدد من القوانين منها قانون الانتخابات وقانون الأحزاب والجمعيات وقانون الصحافة والإعلام.
ورعى بن عاشور أيضا مشاريع النظام الداخلي للمجلس التأسيسي والجلسة الافتتاحية للمجلس والتنظيم المؤقت للسلط خلال المرحلة القادمة وذلك في صلب لجنة الخبراء التي كانت تابعة لهيئة تحقيق أهداف الثورة.
كمال الجندوبي قائد : «كتيبة الانتخابات» وفارس أكبر المهمّات وأصعبها
كمال الجندوبي حقوقي تونسي ناضل في صفوف الحركة النقابية المغاربية في فرنسا وكان أحد أبرز رموز المعارضة التونسية في الخارج ودفع ثمنا باهظا جراء تلك المعارضة حيث منع من دخول التراب التونسي منذ عام 1994 وحرم من حضور مراسم دفن والده.
وترأس كمال الجندوبي الشبكة الأورو متوسطية لحقوق الإنسان وهي شبكة تضم في عضويتها عشرات المنظمات من كامل الفضاء المتوسطي شماله وجنوبه وهو أيضا عضو في المجلس التنفيذي للمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب ورئيس لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وعضو مجلس إدارة المؤسسة الأورو -متوسطية لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان.
ولم يتوان الجندوبي قط عن تقديم المساعدة لمنظمات المجتمع المدني المستقلة خلال العهد البائد من خلال شبكة علاقاته داخل الفضاء الأوروبي وبالمنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان وقد نقل تطلعات المجتمع التونسي للعدالة الاجتماعية والإصلاحات الديمقراطية للهيئات الدولية والرأي العام وهيّأ للثورة وعاشها في ذهنه وسلوكه قبل أن تبدأ فكان جديرا بأن ينال منصبا رفيعا بعد عودته التاريخية إلى تونس وأن يؤتمن على مسار الانتقال الديمقراطي وهو صاحب الكفاءة في تسيير الانتخابات وهو الذي حضر ولاحظ وراقب الانتخابات في كبريات الديمقراطيات في العالم.
هذه المهمة الـتاريخية ستذكرها الأجيال القادمة على أنّه من أنجح أوّل انتخابات ديمقراطية في تونس بشهادة ملاحظين من داخل البلاد وخارجها، حتى أنّ بعض الصحف الأجنبية اعتبرت أنّه لم يكن من الممكن أن تنجح الانتخابات في تونس لولا جهود الجندوبي الذي عمل معه فريق ضخم من المتخصصين والمتطوعين يُعدّون بالآلاف، ساهموا جميعا في إنجاح الانتخابات.
رشيد عمّار : الجنرال…الحاضر الغائب في كلّ تفاصيل الانتقال الديمقراطي
من مواليد صيادة بالمنستير عام 1948 رُقِي عمار إلى رئيس أركان الجيش من رتبة عقيد، بعد مصرع رئيس أركان الجيش، عبد العزيز سكيك، في حادث تحطم هليكوبتر في عام 2002، نفس حادث التحطم قتل أيضاً خمسة عقداء آخرين، وخمسة رواد وملازمين وقد وقع الحادث مباشرة بعد ادعاء قادة الجيش الجزائري، أثناء الحرب الأهلية الجزائرية، أن الإسلاميين الجزائريين يتسللون عبر الحدود التونسية، الأمر الذي نفته تونس، حكومةً وجيشاً، ثم ذهب الجنرال سكيك لتفقد منطقة الحدود،
وفي طريق عودته، سقطت طائرته.عمار هو عضو رئاسة الأركان العامة للقوات المسلحة التونسية وتقابل، هو وأعضاء رئاسة الأركان الآخرين، مع الرئيس السابق بن علي في حفل في صيف 2010. وفي ذلك الحفل، رقى بن علي عمار من رتبة لواء إلى رتبة فريق.
وتردّدت روايات كثيرة عن دور عمّار في التحكم في نسق الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت ببن علي قبل عام، حيث تردّد أنه رفض إطلاق النار على المتظاهرين وأنه هو الذي أمر بن علي بمغادرة البلاد يوم 14 جانفي من العام المنقضي، لكنّ مراقبين وسياسيين على اختلاف انتماءاتهم أجمعوا على الدور المحوري للجيش في حماية الثورة وقد ارتفعت أسهم الجنرال عمار منذ ذلك الحين.
محمد علي خليفة