Halaman

    Social Items

Visit Namina Blog

لا تسامح مع المحسوبيّة أو تجاوز القانـــــــون فــــــــي الإدارة

تونس ـ «الشروق»

المهمات العاجلة في مجال الإصلاح الإداري وأولويات عمل الوزير المكلّف بهذا القطاع ، مسألة إهدار المال والامتيازات للموظفين وغيرها كانت محاور للحديث الذي أجريناه مع السيّد محمّد عبّو الوزير المعتمد لدى الوزير الأوّل المكلّف بالإصلاح الإداري.

الحديث عن التعطيلات والتعقيدات الإداريّة مهمّ جدّا في هذه المرحلة، إذ على الرغم من شرعية السلطات القائمة فإنّ الوضع يحتاج إلى إجراءات عاجلة تمكّن من تحسين مردوديّة مختلف المصالح الإداريّة وبدء برامج إصلاحيّة من أجل المزيد من الفاعليّة والنجاعة.

كيف تقبّلتم الأجواء إثر تولّيكم المهمّة الوزاريّة؟

مهمة شاقة وهناك تحد يتمثل في القيام بإصلاحات في آجال قصيرة وهي الآجال المتفق عليها داخل الحكومة أي السنة أو السنة والنصف على أقصى أجل.

طبعا هناك بعض العراقيل وفي نفس الوقت هناك عدد لا بأس به من الموظفين مستعدون للمشاركة في الإصلاح.

في تقديركم ما هي أبرز الملفات المطروحة على طاولة الإصلاح الإداري؟

التقليص من التعقيدات الإداريّة وتسريع الإجراءات في جملة من المسائل ومن أبرزها المتعلّق بمجال الاستثمار وتسريع الإجراءات في ما يتعلق بالاستثمارات سيكون من بين اولويات عملنا لرفع كلّ العراقيل والصعوبات أمام المستثمرين الأجانب والمحليّين.

ونحن دخلنا بعد في مرحلة دراسة ما يمكن إلغاؤه من إجراءات تعرقل العمل الإداري وسير تنفيذ المشاريع.

ولكن المسألة معقدة والإجراءات المزمع تنفيذها تهدف إلى الحفاظ على المال العام وهو ما يقتضي التثبت من إلغاء بعض الإجراءات أو الوثائق قصد ضمان الجدوى والفاعليّة وتسريع دراسة الملفات.

هل تلقيتم تشكيات بخصوص تعطيلات إداريّة؟

حاليا هناك تشكيات من رجال الأعمال وسطها نكتشف تعقيدات ولكن بالتنسيق مع المصالح الوزارية سنجد الحلول الممكنة والملائمة لتحقيق أهدافنا وبرامجنا.

ما هي العقلية أو المنهجيّة التي ستحكم عملكم خلال هذه الفترة؟

العقلية ، لا بدّ من تكريس علوية القانون من ناحية ثانية عدم تطبيق التعليمات التي تكون بديهية اللاشرعية (يعني أنها ظاهرة وجليّة في مخالفة القانون).

طبعا اليوم الحكومة شرعية جاءت لتحقيق أهداف الثورة بتكريس علوية القانون وبالتصدي للظلم وفي نفس الوقت اكتشف التونسيون بعد اكتشاف مساوئ الاستبداد اكتشفوا مساوئ الفوضى ونحن موجودون للتأكيد على أنّه قد انتهى أيضا زمن الفوضى، انتهى زمن الفوضى وانتهى زمن الظلم.

وفي المقابل هناك تعويل ورغبة نلحظها يوميا لدى عدد هام من الموظفين في مختلف المستويات لتحسين صورة إداراتهم.

والمطلوب اليوم من كل واحد ومن كل موقع أن يقوم بمسؤوليته تجاه وطنه وأن يؤدي واجباته على أفضل ما يُرام.

هناك حديث عن وجود عدد هام من الموظفين لا يؤدون أيّ نشاط فعلي داخل الإدارة التونسيّة؟

نعم، هذا موجود فعلا ويعود لأسباب مختلفة علّ أبرزها غياب المحاسبة وبالنسبة للبعض الآخر سياسة إداريّة خاطئة ترمي إلى التخلّص من بعض الموظفين بنقلتهم إلى مصالح لا يفقهون فيها شيئا أو لا تحتاج إلى خدماتهم أو ليس فيها أصلا مكان للجلوس، إضافة إلى تجميد عدد من الموظفين.

وفي المقابل هناك مصالح إدارية تفتقد إلى العدد المناسب والكافي من الموظفين ، بمعنى أنّ هناك سوء توزيع للموظفين حسب المصالح وهذا ما سنعمل على معالجته مع العلم أنّ الإدارة التونسيّة تشتكي من ضيق الفضاءات الإداريّة على غرار رئاسة الحكومة (الوزارة الأولى سابقا).

راج مؤخر خبر عن إمكانية نقل مصالح رئاسة الحكومة إلى مقر الحزب المنحل بمحمّد الخامس؟

وقع التفكير في نقل مصالح الوزارة إلى محمّد الخامس لأنّ مقر القصبة ضيّق ولا يتّسع لأكثر من 1100 موظف وعامل وكذلك العديد من المصالح الأخرى لرئاسة الحكومة مشتتة وموزّعة على عدّة أماكن ولكن لم يتّخذ بعد قرار في هذا الغرض ، وربّما سيكون هناك تفكير في حل جزء من المشكلة في مجلس المستشارين بعد النظر في حاجيات وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقاليّة.

ألا تستشعرون ضغط الوقت وأنتم تضعون كلّ هذه المهمّات الإصلاحيّة؟

هو صعب بالنسبة للإصلاح الشامل ولكن الأمر جائز في إجراء الإصلاحات الممكنة في مثل هذه الفترة وأعتقد شخصيا أنّه بالإمكان القيام بالعديد من الإصلاحات في هذه الفترة.

بالمناسبة نحن لا نزعم أنّنا ننطلق من الصفر ، بالرغم من حالة الفساد فإنّ الإدارة التونسيّة لم تنهار ، الإدارة بقيت تسدي الخدمات ولازمت نشاطها.

ما هو جميل اليوم أنّه لم يعد هناك اليوم إرادة سياسية لإخفاء بعض ملفات الفساد أو تعطيل المهمات وهناك رغبة وتطلع لمجازاة من يقوم بالتفاني في عمله ومعاقبة من يتقاعس.

حدث إشكال مؤخّرا في الإدارات التونسيّة بسبب تأخير التفويض بالإمضاء؟

فعلا، حصل تعطيل في مستوى إسناد التفويضات في ظل الحكومة الجديدة لبعض الموظفين في إطار مهمتهم وتم تدارك الوضع هذا الأسبوع بإسناد تفويضات إمضاء لبعض الموظفين والبقية تأتي.

في الأسبوع الأوّل فعلا تعطلت التفويضات ولكن الأمر في طريقه الصحيح.

مصاريف الإدارة تطرح مسألة تبذير المال العام وسوء التصرّف فيه، ماذا ستفعلون في هذا الجانب؟

إن كنت تقصد ما هو مطلوب منّا في مسألة التقشف في المصاريف الإداريّة، ليس لدينا حاليا توجه لحرمان الموظفين الساميين من الامتيازات العينيّة التي يستحقونها بموجب نصوص ترتيبيّة ، ولكن هناك توجه لسحب هذه الامتيازات ممّن لا يستحقها بمقتضى هذه النصوص الترتيبيّة.

وبالتالي فالمسألة للنظر لتردي الأجور في الوظيفة العمومية بمن فيهم الموظفين الساميين ومطلبنا سيكون في مرحلة لاحقة عندما تسمح ظروف البلاد هو العمل على تحسين أجورهم وظروف عيشهم، خاصة وأنّ الموظفين الساميين في الإدارات العمومية مستوى أجورهم وعيشهم أقل بالنظر إلى نظرائهم في محيطنا العربي والإفريقي وبالنظر كذلك لنظرائهم في القطاع الخاص.

في المقابل هناك قواعد تهدف إلى حسن التصرف في هذه الامتيازات لا بدّ من سنها ، في هذه الامتيازات مثلا العناية بالسيارات الإدارية أو الوظيفيّة.

هناك تفاوت بين الجهات في التنمية وتوزيع الثروة…ما هي خطة رئاسة الحكومة من أجل الاقتراب أكثر من هذه المناطق المحرومة (مسألة اللامركزيّة)؟.

التوجه العام هو الاهتمام بالجهات الداخلية التي عانت من التهميش، والإدارة التونسية مدعوة للتغيير ومن المسائل المهمة التي شرعنا بعد في معالجتها بخصوص تقريب الخدمات الإداريّة بالتنسيق مع وزارة تكنولوجيا الاتصال،

توجهنا نحو التركيز في عملية إصلاح الإدارات الجهوية على هذه المناطق للقطع مع مخلفات الماضي وآثارها السلبيّة.

ما هي الصعوبات التي ترونها ماثلة اليوم في العمل الحكومي؟

نحن قبلنا مسؤولية الحكم في إطار تحالف وفي ظرف نعلم أنّه صعب وملتزمون بتحقيق نتيجة كما أكّدنا في كل المناسبات في إطار وضع سياسي واقتصادي واجتماعي صعب ولا أدلّ على ذلك من نسبة البطالة المرتفعة ومن التحركات الاجتماعيّة ومن ضعف هيبة القانون، دورنا اليوم هو التقليص قدر المستطاع من عدد العاطلين عن العمل بتشجيع الاستثمار وذلك يتوقّف على توفير مناخ أمني سليم دونه لن تكون هناك أيّ عملية نموّ ولا تنمية ولا حل لمشاكل التهميش الّذي تواصل لعقود،

في هذا الصدد صرحتم بوجود أطراف سياسية تسعى إلى إرباك الأوضاع واستغلال الظروف الاقتصادية والاجتماعيّة الصعبة؟

وضعنا في الحكومة الآن لا يسمح لي بالقول ، لكن أيّ تصرّف فيه تحريض على أفعال مجرّمة قانونا يكون فعلا مجرّما يختصّ القضاء بقول كلمته فيه علما أنّي لا أتصوّر أنّ هناك في الحكومة اليوم من يجرؤ على التدخّل في القضاء الذي هو مدعو للقيام بواجبه في هذا الصدد.

ونتمنى من كل الأطراف أن يترفعوا عن كل خلافات حزبية يمكن حلها عن طريق صندوق الاقتراع وأن يفكّروا في مصلحة المهمشين والعاطلين عن العمل والأجراء الّذين ضعفت قدرتهم الشرائيّة وأذكّر في هذا الصدد بالموقف الواضح للأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الّذي حذر بدوره من مخاطر الاعتصامات التي تضرّ بالشغالين.

وماذا في ما يخصّ ملف الانتدابات في الوظيفة العموميّة؟

في ما يخص الانتدابات هناك مشاكل عالقة و كل طرف يرى أحقيته في التشغيل ، والحل الأفضل اليوم هو المناظرة والذي دخل فيها بعد الثورة البعد الاجتماعي إلى جانب العنصر السابق المتعلّق بالكفاءة والشهائد، ونحن نتفهّم ذلك.

نحن نشعر بوجود مطالب كبرى ، وبأنّ البطالة مأساة ونشعر بأنّ هناك من ظلم في السابق ونأمل في أن نحل مشاكل الجميع ولكن إمكانيات الدولة لا تسمح بتشغيل أكثر من 25 ألف هذه السنة وهو رقم تمّ تحديده بناء على اعتبارات اجتماعيّة وليس للحاجيات الفعلية للقطاع العام.

لكن يبقى الحل هو التشجيع على الاستثمار والمبادرة الخاصة وهذا ما ستعمل الحكومة على تشجيعه وتوفير كلّ الظروف والمناخات الملائمة من أجل بعث أكثر ما يُمكن من مواطن شغل.

الزيارات الميدانية والاتصال المباشر بالمواطنين ومعرفة الأوضاع عن كثب كان نقيصة في أعمال الحكومات السابقة ممّا أوجد حالة شبه قطيعة وعدم ثقة بينها والشعب؟ ماذا تنوون فعله في هذا الصدد؟

الحكومة الحالية بدأت تحقّق أرقاما قياسية في اللقاء مع المواطنين والزيارات الميدانية ، وهذا مهم ولكن لا بدّ من إيجاد الآليات التي تجعل المواطن لا يحتاج للوصول إلى وزير لحل مشاكله علما وأنّه في مكتبي الّذي استقبل فيه المواطنون وقد وصل الأمر إلى حد استقبال المواطنين على امتداد 10 ساعات متتالية لم أتمكّن خلالها من حل مشاكلهم وهي أساسا المتعلقّة بالتشغيل.

وهناك في هذا المجال تفكير بالتشاور مع رئيس الحكومة في دراسة مدى إمكانية التقليص من الإجراءات لدى رئاسة الحكومة وإعطاء صلاحيات للوزراء ، مثلا على سبيل المثال أي قرار يتعلق بعون عمومي كالانتداب أو الترقية يجب التأشير عليه من قبل رئاسة الحكومة وهذا فيه تعقيدات إدارية يتّجه وضع حد لها بالتعويل على الوزراء المعنيين وبتفعيل آليات المراقبة اللاحقة.

أثار الفصل المتعلق بالجمع بين عضوية المجلس الوطني التأسيسي وعضوية الحكومة الكثير من الجدل: بعد مباشرتكم للمهمة الحكوميّة هل من الواقعي أن يُبقي وزير في حكومة على عضويته في المجلس؟ وماذا عن أجور الوزراء في الحكومة الجديدة وامتيازاتهم ؟

أمتنع عن إبداء رأيي بخصوص هذا الموضوع ، لكن في ما يخصوني سأقدّم استقالتي قريبا من المجلس الوطني التأسيسي.

هناك توجه للتخلي بجزء من الامتيازات العينيّة وبعض الوزراء التزموا بالمساهمة بجزء من أجورهم لفائدة التشغيل.

شهد حزب المؤتمر البعض من التوتّر مؤخرا: أيّ مصير للحزب ولقيادته خلال المرحلة القادمة خاصة بعد أن التحق أبرز قياداته بالسلطة؟

أوّلا، يوم الأحد الفارط اجتمع المكتب السياسي للحزب واتفقنا ما يلي: المحافظة على وحدة الحزب وتكريس التضامن بين قيادات الحزب وتوجيه اعتذارات للمناضلين بخصوص الخلافات التي جدّت مؤخرا.

بخصوص قيادات الحزب الموجودة في الحكومة هي مشغولة بمهامها الوزاريّة التي تعلو على مصالح الحزب ولكن نجاح وزراء المؤتمر من اجل الجمهورية في مهامهم يعني نجاح الحكومة وأيضا نجاحا للحزب.

ما هو مستقبل «الترويكا» بعد مرحلة الحكم؟

اليوم أحزاب الترويكا متفقة من أجل الحكم ولها اتفاق على مبادئ معيّنة للحكم، هناك شعور من مختلف الأطراف المكونة أنّنا على ظهر سفينة واحدة ، نجاح اي واحد فينا هو نجاح للجميع وخطأ أي واحد منا يتحمّله معه البقية.

مستقبل الحياة السياسيّة وتونس تحتفل قريبا بالذكرى الأولى لثورة 14 جانفي؟

نعتقد بعد النجاح في إزالة نظام الاستبداد أصبح التحدي الآن هو تحسين الأوضاع الاجتماعيّة والمحافظة على درجة معيّنة للاهتمام بالشأن العام تحول دون عودة الاستبداد.

وهذه فرصة لتذكّر الشهداء ، فرصة لتذكر من أصيبوا بإصابات خطيرة زمن الثورة ، فرصة لتذكر هؤلاء الشجعان الذين قدموا حياتهم لاسقاط نظام الاستبداد ، ونحن لن نسمح بأن تذهب هذه التضحيات سدى.

خالد الحدّاد