كنا نعتقد مثلما كان يعتقد الجميع ان ثورة 14 جانفي قضت على المحسوبية والرشاوي ومنطق الأكتاف والتعيينات والتعليمات لكن ما يحصل في المؤسسات الاعلامية التونسية يؤكد تواصل كل تلك السلوكات بل ازدادت عمقا.
ولعل ما يحمل في مؤسسة التلفزة التونسية أكبر دليل على ذلك فرغم ما تعمل عليه بعض العناصر المنتمية الى هذه المؤسسة من صحفيين ونقابيين للقضاء على هذه السلوكات التي خلفها النظام البائد الا أن البعض ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على الاعلام مازالوا يمارسون لعبة التعيينات والتعليمات من خارج أسوار المؤسسة وللأسف بقيت التلفزة التونسية ترزح تحت سلطة السلطة ولم يتخل مسؤولوها عن سياسة الخنوع والانصياع وراء التعليمات.إقصاء بتعليمات
فالصحفي عماد بربورة وكما يعلم الجميع تم ابعاده عن تقديم نشرة الثامنة بتعليمات وعلى خلفية الأسئلة التي وجهها لتوفيق الديماسي مدير الأمن العمومي سابقا حول التدخل العنيف لأعوان الأمن لتفريق المعتصمين في ساحة القصبة والتي لم ترق لبعض الأطراف السياسية حسب ما صرح به المعني بالأمر في تلك الفترة.
وقد أثار هذا الاقصاء الذي نفذ عن طريق «التعليمات» ضجة اعلامية وعلى المواقع الالكترونية كانت جلها تصب في خانة التعاطف مع هذا الوجه الاعلامي الا أن ظهوره من جديد أثار هو الآخر تساؤل البعض حول كيفية وسبل هذه العودة التي تزامنت مع تسلم السيد عدنان خذر مهامه كمدير للتلفزة الوطنية مكان المدير السابق السيد مختار الرصاع.عودة بتعليمات
وقد علمت «الشروق» من مصادر مطلعة ان الصحفي عماد بربورة عاد الى الظهور من جديد بتعليمات من طرف الحكومة المؤقتة وقد أفادتنا بعض المصادر أن هذا الأخير قد شوهد خلال فترة ابعاد يتردد على مكاتب حركة النهضة.
وقد رافق بربورة السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة الموقتة الى بروكسال، أثناء زيارته الى مقر الاتحاد الأوروبي، وهو ما أثار بعض الانتقادات التي أكدت علاقة عماد بربورة بالحكومة المؤقتة حسب هذه المصادر.تعليمات داخلية
وفي اتصالنا بالصحفي عماد بربورة أكد أن عودته جاءت بالتنسيق مع رئيس تحرير نشرة الثامنة وبموافقة الادارة الجديدة ودون أية تعليمات خارجية وأضاف انه هو من اختار الظهور يوم 14 جانفي لأهمية هذا التاريخ بالنسبة إليه وحتى يكون ظهوره أمام أكثر عدد من المشاهدين الذين تعاطفوا معه فترة ابعاده.
وصرح بربورة أنه لا ينتمي الى أي نظام وعاب على احدى الصحف تهويل موضوع حذفه لكلمة «مؤقت» في نشرة الثامنة موضحا ان هذا تصوره الخاص باعتبار ان حمادي الجبالي يمثل دولة تونس حسب تعبيره مضيفا انه لا توجد استراتيجية واضحة المعالم لقسم الاخبار وللتلفزة الوطنية تحدد متى يقول «مؤقة» ومتى يلغيها محملا المسؤولية في ذلك للسلطة.ومازالت التعليمات!
عماد بربورة لم ينكر أن التلفزة التونسية مازلت تعمل تحت التعليمات مستشهدا بفرنسا وأمريكا وساركوزي الذي مازال يعطي التعليمات على حد تعبيره.
فالتعليمات اذن مازالت سارية المفعول داخل أسوار التلفزة التونسية وعودة عماد بربورة أو غيره تحت منطق التعليمات قد لا يؤثر في هذه المؤسسة على اعتبار انه صحفي لديه خبرة وبامكانه ان يضيف لأخبار الوطنية لكن ما ينبئ بالخطر هو هذا التدخل لبعض الأطراف الخارجية والذي قد يصل الى توجيه الصحفيين وتقييد حرية الاعلام مثلما كان يحصل في عهد بن علي.
نجوى الحيدري