وشهدت اعترافات وعمليات الاستماع للمتهمين تضاربا وتباينا اعتبره المحامون مهما جدا لمساعدة المحكمة للتوصل إلى الحقيقة…
وتطوّع للدفاع في هذه القضية الشائكة أكثر من مائة محام منهم مجموعة الـ25 بالإضافة إلى محامين آخرين إضافيين كلفتهم عائلات الشهداء بالدفاع إلى جانب البقية ومن بين المحامين المتطوّعين الأستاذ محمد الهادي العبيدي المنتمي إلى مجموعة الـ25 محاميا والذي أكد لـ«الأسبوعي» أن القضية لا بد أن تأخذ طريقها نحو الحل فقد أمكن لقاضي التحقيق في القصرين في البداية الاستماع إلى 1500 شاهد وتطلب الأمر في ما بعد أشهرا لكشف الملابسات لكن لا نتيجة أو إجراء واضحا إلى حد الآن حيث يقول الأستاذ محمد الهادي العبيدي «.. بالتناقضات الموجودة في الملف نكتشف أنه لم يحظ بأي عناية اجرائية حيث توجد فجوة كبيرة في الأبحاث واستقراءات المسؤولية وهنا نحمّل المسؤولية للحكومة فالقضاء لم يحقق استقلاليته بعد ولا أيضا وقعت هيكلته كما أن المحكمة حائرة في أمرها أمام 14 علبة أرشيف مملوءة بالأبحاث الخاصة بـ24 شهيدا و610 جرحى من القصرين وتالة فملف الجرحى مثلا تعددت الاختيارات فيه لكن الحقيقة غائبة..».
الحقيقة أهم من التعويضات
وأكد الأستاذ محمد الهادي العبيدي في موقع آخر من حديثه عن ملف الشهداء والجرحى أن عائلاتهم تطالب بإيقاف النزيف وتحميل كل طرف مسؤولياته إذ يقول «.. لقد سمعت عائلات الشهداء ترفض الحصول على تعويضات وما يهمها هو كشف الحقيقة والمسؤولين الحقيقيين عن قتل أبناء هذه العائلات.. كما أن هذه العائلات لن تسكت على حقها وستكون لها تحركات ووقفات احتجاجية لأنه لولا الشهداء لما وصلت هذه الحكومة إلى الحكم.. كما أن ما يحدث يحيل على غموض كبير إذ قد يقع تحميل المسؤولية كاملة لأعوان بسطاء ليتم المرور للمصالحة والحال أن هذا غير ممكن فمن ماتوا وجرحوا هم أبناء الفقراء الذين أزاحوا النظام السابق وليس أبناء الأثرياء وبالتالي لا بد من تمكينهم من حقوقهم وكشف المستور وتنفيذ بطاقات الجلب الصادرة في شأن عديد القيادات الأمنية المتهمة الموجودة بحالة سراح فهؤلاء متهمون بالقتل العمد وقانونا يستحيل تسريحهم فإيقافهم يعتبر حماية لهم خاصة أنهم أصبحوا معروفين لدى الجميع..».
دفعة جديدة من الشهود
وقال الأستاذ محمد الهادي العبيدي أن الدفاع طلب الاستماع إلى مجموعة جديدة من الشهود بينما تم القدح في شهود المتهمين وقد استجابت المحكمة العسكرية بالكاف للطلب وسيقع الاستماع للشهود في جلسة الاثنين القادم وقال محدثنا «طالبنا أيضا بإحضار الخبير الذي أجرى الاختبارات الباليستية حول الرصاص الذي مات به الشهداء وغيرهم من الجرحى فقد بيّن الاختبار أن الرصاص المستعمل لا يعود للجيش ولا أيضا يعود للسلاح المستعمل من قبل الأمن فإذن أسلحة من؟.. هناك عدة أشياء مغيبة لذلك لا بد من توجيه جملة من الأسئلة لهذا الخبير وحتى مواجهته بالمتهمين فالبحث عن الحقيقة لمصلحة الجميع..». وفي حديثه عن عائلات الشهداء قال الأستاذ محمد الهادي العبيدي «.. هذه العائلات تبحث عن الحقيقة منذ أشهر ومنها من يعرف من قتل أبناءهم لكن المتهمين أقوياء وقادرون على توجيه البحث كيفما شاؤوا وفي الاتجاه الذي يريدون لذلك طلبت التعاون مع المحامين لكشف الفجوة الاجرائية لأن الغموض الحالي يشتّت حتى جهود المحكمة فالحقيقة موجودة لو يقع إيقاف باقي المتهمين وما عشته في محكمة الكاف يؤكد ذلك..».
خوف.. وسكوت
ويفسّر الأستاذ محمد الهادي العبيدي كلامه قائلا «.. أحد أعوان الأمن الموقوفين في قضية شهداء تالة والقصرين ابن الجهة وثابتة عليه تهمة القتل والأهالي يعرفونه جيدا فقد خاطبوه خلال فترة الاستراحة وطلبوا منه أن يقول الحقيقة كاملة فأحجم عن ذلك وخاطبته أنا بدوري وقلت له إن عددا من المتهمين شهدوا ضدّه وكشفت له الحقيقة فقال «ما دام باقي المورطين في حالة سراح ونافذون لا يمكنني أن أقول شيئا فأنا أخاف على أبنائي الصغار وكامل عائلتي».. ومعنى هذا الكلام أنه لو تتوفر الحماية لعائلته ويضمنون له سلامتها لكشف الجزء الأكبر من الحقيقة ولأزاح الغموض عن عديد المسائل..».
تضارب.. ومسؤولية الحكومة!
وبيّن الأستاذ محمد الهادي العبيدي أن جل عائلات الشهداء لا تطلب التعويضات ولا تحتاج أيضا أن يقع صرف القسط الثاني باعتبار أن العديد رفض الحصول على القسط الأول بل تطالب هذه العائلات الحكومة بفتح ملف الشهداء وإظهار الحقيقة، مبرزا أن محضر جلسة يوم 7 جانفي 2010 بوزارة الداخلية اتفق فيه على كل شيء وكانا يومي 8 و9 جانفي فاصلين حيث سقط في تالة لوحدها 15 شهيدا إذ يقول محدثنا «.. لقد اكتشفنا تضاربا كبيرا في أقوال بودريقة والتيويري والحاج قاسم.. كما أن محضر الجلسة المذكور غير موجود… وبعض المتهمين بالقتل موقوفون وآخرون بحالة سراح رغم أنه موجهة إليهم نفس التهم التي وجهت لزملائهم الموقوفين.. لبس كبير لذلك إما إيقاف كل المتهمين أو اطلاق سراح البقية إذ لا يمكن التعامل مع قضية من حرّروا البلاد ودفعوا دماءهم فداء لتلك الحرية بمثل هذه الطريقة..».
عبد الوهاب الحاج علي
المصدر : الصباح