Halaman

    Social Items

Visit Namina Blog

هل كلّ الذين ماتوا أيّام الثورة شهداء؟ من أجل التدقيق في ملف شهداء الثورة وجرحاها

هل كل الذين وردت أسماءهم في كشوفات الحكومة تحت تسمية "شهيد"، هم شهداء فعلا؟

سؤال يرى البعض أنه يدخل تحت بند المحرمات في بلادنا، ولا يجب الخوض فيه أصلا، مثلما هو الحال بالنسبة للشاب محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه أواخر سنة 2010 لينطلق إثر ذلك ما سمّي بالربيع العربي. حيث اعتبره الكثيرون شهيدا، بل ذهب البعض – ولأسباب سياسية بحتة- لاعتباره سيد شهداء القرن. ولكنْ لماذا لم تتناول أيّ من وسائل الإعلام هذا الموضوع من منظور مغاير؟ وانساقت كلها خلف اعتباره شهيدا بل وأكثر من ذلك اعتباره السبب الرئيسي لاندلاع الثورات العربية، وحتى بعض الاحتجاجات التي حدثت في الغرب.

يحدث كل هذا أمام تناسٍ كامل لأحداث الحوض المنجمي وشهداء الحوض المنجمي وما جناه أبناء الحوض من إهمال وإقصاء وتهميش وتنكيل وتقتيل وتعذيب رغم أنهم كانوا من أول الذين قالوا لا لنظام بن علي وسياسته.

يحدث هذا وأكثر، بل ويصبح كل من جرح أيام الثورة "جريح الثورة" وكل من قتلَ خلالها "شهيدا" دون التثبّت أو التأكد أنه جرح أو قتل برصاص الأمن أو الجيش أو "القناصة".

وحتى يكون الكلام أكثر وضوحا، نقول أنه ثمّة من قُتل وهو يحاول اقتحام مركز للأمن بغاية حرقه، وثمّة من قُتل وهو يحاول سرقة فرع بنكي وثمّة من قتل في معركة إثر جلسة خمرية، والأمثلة كثيرة في هذا الشأن، وأمام الفوضى التي سادت البلاد ومازلت بعض تداعياتها أصبح الجميع شهداء ومن حق عائلاتهم التمتع بكل امتيازات الشهيد.

طبعا لسنا ننكر أن الثورة خلّفت شهداء حقيقيين وجرحى مازالوا يعانون لليوم، ومن حقهم علينا كشعب وعلى الحكومة أن يكونوا في مقدمة اهتمامات الساسة الجدد للبلاد، بل من أوكد الأولويّات.

ولكنّ هذا لا يعني أن نصنّف كل من جرح أو مات بسبب آخر على أنه جريح ثورة أو شهيدها لأن في ذلك حيفا كبيرا واستهانة بما قام به هذا الشعب، بل واستهزاء بمن دفعوا دماءهم فعلا من أجل حرية الوطن من براثن النظام النوفمبري بدية من أحداث الحوض المنجمي وحتى آخر رصاصة أطلقت على جسدٍ تونسيّ.

والخلاصة، إنّه من المخجل حقا أن يسكت الجميع عن قول الحقيقة، وهي أنّ هذه "الثورة" التونسية بنيت على كذبة، حيث خرج علينا من قال أن شابا في سيدي بوزيد قام بإحراق نفسه احتجاجا على النظام القائم في البلاد بعد أن صفعته عونُ تراتيب أمام الناس، والحقيقة التي لا يحبّ البعض الإقرار بها هو أنه لا وجود لصفعة هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، لم يحرق الشاب البوعزيزي جسده متعمدا بل لعبت الصدفة دورها في كامل أطوار الحكاية وللمشككين أن يعودوا لمحاضر البحث ويتأكدوا أنه لم يكن ينوي حرق نفسه بل رغب فقط في تهديد السلطة المتمثلة وقتها في والي الجهة، ولكنه لم ينجح حتى في لفت انتباهه.

واليومَ نسمع من حين لآخر عن حوادث مشابهة، كان آخرها اليوم في مدينة قفصة حيث أقدم أحدهم على إضرام النار في جسده تزامنا مع زيارة ثلاثة وزراء للجهة، وهو ما يطرح أكثر من سؤال: هل هانت النفس البشرية لهذه الدرجة؟ أم أنّ إقرار بعض المحسوبين على الدين والإفتاء بأن حارق نفسه يعتبر شهيدا هو ما جعل الكثيرين يقدمون على ذلك؟

والسؤال الأهمّ، ما هي الخطوات المطلوبة الآن لتفادي مثل هذه الظاهرة التي لا نريدها أن تتفشّى في مجتمعنا التونسي المسالم والمتسامح والمؤمن؟

وقبل أن نضع القلم، نرى أنه من واجب حكومة السيد حمادي الجبالي وهي تقلّب أوراق ملف شهداء الثورة وجرحاها أن تتثبّت جيدا وتقوم بعملية فرز دقيقة حتى يأخذ الشهداء والجرحى حقهم وحتى يعلم الشعب الكريم ومن خلاله العالم أنّ ثمّة من اندس أو وقع الزجّ باسمه في قائمة الشهداء إمّا طمعا أو خوفا أو جهلا.

يجب أن تقوم الحكومة بذلك حتى لا تكون هذه "الثورة" بأكملها مبنية على كذبات متتالية انطلقت من صفعة موهومة وانتهت إلى محاولات جديدة للحرق...

أبو شهد