وأوضح الدبلوماسي العربي لوكالة « يونايتد برس أنترناشيونال » الأربعاء، أن السفارة القطرية بتونس هي التي تكفلت بدفع كافة مصاريف المؤتمر، كما أن أفراد طاقمها هم الذين يسهرون على تنظيمه، فيما يكتفي الجانب التونسي بتسهيل الإجراءات، وتأمين الحماية الأمنية للضيوف، بالإضافة إلى توزيع الدعوات للمشاركة في هذا المؤتمر المثير للجدل.
ووصف الدبلوماسي العربي الذي طلب عدم ذكر إسمه، هذا الأمر أنه « سابقة غير معهودة » في تنظيم المؤتمرات الدولية، بإعتبار أن العادة جرت أن تتولى الدولة المضيفة عملية التنظيم بالتنسيق مع الأطراف المشاركة.
وتستضيف تونس بعد غد الجمعة مؤتمر « أصدقاء سوريا » الذي اقترحت باريس وواشنطن عقده بهدف « ممارسة أقصى درجات الضغط على النظام السوري حتى يستجيب للتطلعات المشروعة لشعبه »، بحسب ما ورد على لسان وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام.
واعتبر وزير الخارجية التونسي في وقت سابق أن هذا المؤتمر الذي ترغب بلاده في أن يكون تحت إسم « مؤتمر أصدقاء الشعب السوري »، « لا يهدف إلى إستنساخ النموذج الليبي »، وذلك ردا على التخوفات التي برزت عقب تزايد الحديث حول تحول مؤتمر تونس المرتقب إلى مؤتمر لتشريع التدخل العسكري في سوريا.
وسيُعقد المؤتمر على مستوى وزراء خارجية دول الجامعة العربية والإتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وبعض الأطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة منها أميركا والهند والبرازيل، كما يُتوقع أن تشارك فيه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون.
كما سيشارك في أعماله مندوبون عن فصائل المعارضة السورية منها « المجلس الوطني السوري »، و »هيئة تنسيق قوى التغيير الديمقراطي »، و »المجلس الوطني الكردي السوري »، كمراقبين في هذا المؤتمر، وذلك بعد تراجع وزير الخارجية التونسي في العاصمة الإيطالية عن تصريحات سابقة له في تونس حول عدم مشاركة المعارضة السورية في مؤتمر تونس.
وقال الدبلوماسي العربي، إن « مدة أعمال المؤتمر المرتقب لن تتجاوز الأربع ساعات، سيتم خلالها إلقاء مداخلات للأطراف المعنية مباشرة بالملف السوري، على أن يصدر في ختامه بيان « قد يتضمن إعترافا بـ »المجلس الوطني السوري » المعارض، ودعوة لإرسال قوات حفظ سلام عربية لسوريا، تنفيذا لقرارات الإجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب« .
وتتناقض هذه التوقعات مع تصريحات سابقة لوزير الخارجية التونسي أعلن فيها أن مسألة الإعتراف بـ »المجلس الوطني السوري المعارض غير مطروحة الآن، خصوصا على ضوء الحوار الجاري بين أطراف المعارضة السورية« .
وقال وزير خارجية تونس في تصريحاته التي أدلى بها في 17 من الشهر الجاري في تونس، « إلى أن يتم الإعلان عن تمثيلية حقيقية لمختلف مكونات الشعب السوري، عندها يمكن الحديث عن الإعتراف« .
غير أن تلك التوقعات تلتقي مع تصريحات لراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية التي تحكم البلاد، لم يستبعد فيها الإعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض، وذلك في تضارب واضح مع تصريحات صهره رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسي.
وقال الغنوشي في حديث نشرته صحيفة « الخبر » الجزائرية في عددها الصادر الثلاثاء، ردا على سؤال حول إمكانية إعتراف تونس بالمجلس الوطني السوري « أتوقع أن تتجه السياسة التونسية إلى هذا« .
وفيما يُنتظر أن تبدأ الوفود المشاركة بالتوافد على تونس التي سيصلها مساء الخميس نبيل العربي الأمين العام الجامعة الدول العربية قادما في العاصمة البريطانية، أعلنت موسكو أنها لن تشارك فيه، حيث قال الناطق بإسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش إنه « لم يتم إبلاغنا لا بتشكيلة المشاركين ولا بجدول الأعمال، كما أن الهدف الحقيقي لهذا المؤتمر ليس واضحا« .
وأضاف أنه يبدو لموسكو « أن الأمر يتعلق بتشكيل تحالف دولي.. لدعم طرف في نزاع داخلي ضد آخر »، فيما أكد وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور أن بلاده لن تشارك في مؤتمر « أصدقاء سوريا » بتونس.
وقال منصور إن هذا الموقف يأتي »إنسجاما مع سياسة النأي بالنفس التي ينتهجها لبنان، ودعا الذين يريدون التدخل بسوريا إلى « إعلان ماذا يريدون صراحة تغيير النظام أو غيره« .
ومن جهته، قال هونغ ليه الناطق بإسم وزارة الخارجية الصينية إن بلاده تلقّت دعوة رسمية لحضور مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس، وأنها تدرس هدف المؤتمر وآليته، من دون أن يذكر ما إذا كانت الصين ستحضر المؤتمر أم لا.
ولكنه أكد في المقابل أن الموقف الصيني بشأن سوريا يظل « ثابتا على المبدأ وواضحاً.. ونحن نتابع عن كثب تطورات الوضع، ونشعر بقلق بالغ بشأن الأزمة المتصاعدة التي أدت إلى خسائر بين المدنيين وأثرت على السلام والإستقرار في المنطقة« .
وكانت روسيا والصين استخدمتا في وقت سابق من هذا الشهر حق النقض « الفيتو » ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يؤيد خطة عربية تطالب الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي، كما صوتتا ضد قرار غير ملزم في الجمعية العامة للام المتحدة أيد تلك الخطة العربية.
يُشار إلى أن مؤتمر « أصدقاء سوريا » مازال يثير منذ الإعلان عن موعده جدلا متصاعدا داخل تونس وخارجها، حيث وصفته بعض الأوساط السياسية التونسية أنه « مؤامرة، ودعوة لتدويل الوضع في سوريا إنطلاقا من تونس« .
واعتبر حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي التونسي أن عقد مؤتمر « أصدقاء سوريا » في تونس هو بمثابة الإنخراط المفضوح في المشروع الصهيو-أميركي في المنطقة، وإستجابة لإملاءات الدول الإستعمارية وأتباعها من الدول العربية لإسقاط الدولة السورية لمصلحة أميركا والصهيونية« .
كما شهدت تونس عدة وقفات إحتجاجية للتنديد بعقد هذا المؤتمر الذي يُنظر إليه على أن الهدف منه « التآمر على أمن الدول وإستقرار الشعوب خدمةً لمصلحة الدول الغربية والإستعمارية والصهيونية« .
المصدر : ميدل ايست أونلاين