بعد
أن ظن الشعب التونسي أن تونس ستحتكم بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 إلى
مرحلة انتقالية توافقية شهدت البلاد تجاذبات فكرية وعقائدية حول طبيعة
النظام الذي سيحكم البلاد في المرحلة القادمة وأصبح تضمين الشريعة
الإسلامية في الدستور محل اختلاف وتوتر كبير بين كل الأحزاب السياسية خاصة
خلال هذه الأيام التي يتم فيها مناقشة مسودة الدستور والتي تتسم بالجدل
الواسع بين نواب التأسيسي.
وعلى ضوء المطالبة بالشريعة الإسلامية
نظم حزب التحرير وقفة احتجاجية أمام المجلس التأسيسي الأسبوع الفارط يطالب
فيها بتضمين الشريعة الإسلامية في الدستور الجديد كمنطلق أساسي ومحوري في
التشريعات القانونية كما سبق وأن دعت إلى ذلك الجبهة الوطنية للجمعيات
الإسلامية في تونس من أجل "لم شمل المسلمين ونبذ الفرقة في البلاد".
أما بخصوص زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي
فقد قال في عدة مناسبات أن البلاد التونسية لا يمكن أن يحكمها إلا نظام
إسلامي ديمقراطي مبينا أن حركة النهضة لا تمثل تهديدا للعلمانية.
كما سبق وأن صرح الغنوشي بأنه يحاول
إقناع التيار السلفي بأن الثورة قدمت لهم الحرية قائلا إنه ذكرهم بتجربة
الإسلاميين في الجزائر عندما فازوا ب80 بالمائة من الأصواتـ، لكنهم خسروا
لأنهم استعجلوا ولم يفهموا معنى التوازن الديمقراطي ومفهوم الدولة
المدنية.
في المقابل، أرجع رئيس كتلة حركة النهضة
صحبي عتيق الجدل القائم في المجلس التأسيسي إلى "سوء فهم البعض لمعنى
الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع الإسلامي، مؤكدا أن "التخوف" من الشريعة
الاسلامية ناجم عن الاعتقاد بأنها تختزل في "المبادئ الزجرية والردعية" .
أما عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية فقد
أبدت القيادية فيه سامية عبّو خلال الجلسة العامة للمجلس التأسيسي بعض
المخاوف من استغلال النصوص الدينية لتكريس استبداد جديد عبر تأويل النصوص
الدينية بطريقة تفضي إلى ديكتاتورية جديدة، حسب رأيها.
وقالت عبو إنّه يجب التنصيص على خمسة
ثوابت أساسية للدستور بطريقة واضحة كي لا يقع التأويل الديني فيما بعد وهي
التسامح والعدل والعلم والعمل والمساواة.
من جهته، قال عبد الرؤوف العيادي إن
الجدل الحاصل داخل المجلس التأسيسي حول إشكالية التنصيص على الشريعة
الإسلامية صلب الدستور الجديد للبلاد وما أحدثه من مواقف متصاعدة ومتضاربة
بين رافضين ومؤيدين هو جدل "ليس في محله".
واعتبر أن هوية تونس العربية الإسلامية
هي الفيصل في الموضوع وهي الحسم في خلق التوافق بين الرافضين والمؤيدين.
وكان العيادي قد دعا إلى دستور مبدأ الجهاد في الدستور الجديد.
ويشار إلى أنّ الفصل الأول من الدستور الجديد تم الحسم فيه بالتوافق بعد إقرار الحفظ على نفس الفصل الأول من دستور 59.
بسام حمدي